صدمة عاطفية
Un Choc sentimental
من مسرحية حسناء من كوالا لمبور
للكاتب عبد الله خمّار
تمهيد للنص:
شجعت أسماء- مديرة الاستثمار في مؤسسة الهلال الفضي- الدكتور كمال على تقديم المشروع الذي يحلم به وهو بناء مستشفى للأطفال تموله المؤسسة. وربطت بينهما علاقة حب متبادل وتعاهدا على الزواج.
ونراه في هذا المشهد يسرع إلى أسماء ليحذرها من خبير المؤسسة السيد بلقاسم أحمد القادم من كوالا لمبور والذي يتكلم العربية بلكنة أجنبية، حيث شاهده في الليلة الماضية في فندق الأوراسي يقبض رشوة من أصحاب المشاريع المنافسة لمشروعه. ولم يتوقع أن يجد في انتظاره مفاجأة من العيار الثقيل:
[تضاء الأنوار الخافتة على مكتب المؤسسة. الوقت صباحا، والستائر مرخاة على النافذة. يقرع جرس الباب ثلاث مرات. تخرج أسماء بثياب النوم من داخل الشقة عن يسار المسرح. تشعل النور في الصالون وتخرج باتجاه باب الشقة عن يمين المسرح ثم تعود ومعها كمال]
كمال: اسمحي لي. لم أعرف أنك ما زلت نائمة.
أسماء[تتثاءب وتضع يدها على فمها]: كم الساعة الآن؟
كمال: تجاوزت الثامنة. لكن الموضوع الذي جئت من أجله لا يحتمل التأخير.
أسماء[تتثاءب]: خيرا.
كمال: أردت أن أحذرك من الخبير السيد بلقاسم. إنه يلعب لعبة قذرة.
أسماء[تفرك عينيها]: عمَّ تتحدث؟
كمال: بعد أن ودعتك أمس ذهبت إلى فندق الأوراسي لأزور طبيبا أجنبيا زائرا، ورأيت السيد بلقاسم مع الدكتور شاكر والسيدين الجابي والسفطي وهم يتسامرون ويضحكون، وقدم كل منهم له شيكا فحصه بعناية. من المؤكد أنه مرتش. أشم رائحة صفقة وأخاف أن يتآمروا عليك.
أسماء: هل أنت متأكد أنه السيد بلقاسم.
كمال: طبعا. هو خبير المؤسسة الذي اجتمعنا معه بالأمس.
أسماء: غير معقول، ربما رأيت أحدا يشبهه.
كمال: رأيته هو بعينه. أنا متأكد.
[نسمع صوت رجل من الداخل يهتف]: "مع من تتحدثين يا أسماء؟"
[يخرج السيد بلقاسم أحمد من داخل الشقة وهو يرتدي منامة "بيجاما" حمراء اللون وهو يتثاءب أيضا، فيفاجأ بكمال الذي يفتح فمه من الدهشة]
كمال: ما شاء الله![يلتفت إلى أسماء ساخرا]: وأنا الذي أتيت لأحذرك منه. كم كنت غبياً.
بلقاسم: من أنت؟
كمال[يخاطب أسماء]: قولي له من أنا فهو يدعي أنه لا يعرفني.
أسماء: أرجوك، اذهب الآن وسأشرح لك فيما بعد.
كمال: لا تريدين أن تخبريه من أنا. سأخبره بنفسي. [ينحني بطريقة تمثيلية]: أنا الغبي المخدوع الذي بهر بجمال هذه الفتاة اللعوب وبكلامها المعسول. كان يظنها ملاكاً واكتشف أنها شيطانة.
بلقاسم[بغضب]: تكلم بأدب يا ولد.
كمال: أنت تتكلم بطلاقة الآن. أين اللكنة الأجنبية التي كنت تتكلم بها؟ أنت محتال أيضا.
بلقاسم[بغضب]: تقتحم علينا الشقة في الصباح وفي يوم عطلة وتسيء الأدب.
كمال[بغضب وسخرية]: العناية الإلهية أرسلتني لأراك تخرج بملابس النوم من غرفة الآنسة ربة العفاف والصون وأكشف احتيالكما.
بلقاسم: وما دخلك أنت؟
أسماء[تخاطب بلقاسم متوسلة]: أرجوك أن تدعني أتحدث معه.
بلقاسم: لن أتركك مع هذا المتوحش.
أسماء[مستعطفة بلقاسم]: لا تخف. ادخل أرجوك. [تدفعه إلى الداخل فيدخل مكرها]
أسماء: دعني أشرح لك. زارني السيد بلقاسم مساء الأمس، لكنه شعر بصداع عنيف وكان محموما فلم أدعه يخرج.
كمال[بسخرية]: وسهرت على تمريضه طيلة الليل.
أسماء: هذا ما حدث فعلا.
كمال: في غرفة نومك طبعا.
أسماء: لكن كلا منا نام في سرير مستقل. أقسم لك.
كمال: ماذا يفيد القسم بعد ما رأيته بعيني. كم كنت غبيا!
أسماء[معاتبة]: قل لي ماذا رأيت بعينك؟
كمال: أنت حرة تفعلين ما تشائين ولكن لماذا خدعتني؟
أسماء[بحرارة]: لم أخدعك صدقني.
كمال[بمرارة]: لو أنني تخيلت الملائكة أنثى ما خطر ببالي إلا أنت، ولو أنني تصورت الطهارة والبراءة تجسدت في إنسان لكنت أنت. لكنني أكتشف الآن أنني كنت واهما لأن ما ظننته جميلا وطاهرا هو قبيح قبيح. ما أقبحه!
أسماء[متوسلة]: أرجوك، لا تظلمني فأنا بريئة.
كمال[يضع يديه على أذنيه كي لا يسمع]: صوتك الذي كان أعذب موسيقى سمعتها في حياتي أصبح الآن نشازاً لأنك تكذبين. خدعتني وقلت لي: "حلمك في بناء مستشفى للأطفال أصبح حلمي".
أسماء[مستعطفة ومعاتبة]: اسمعني أرجوك. لماذا لا تريد أن تسمعني؟
كمال[مسترسلا في هجومه]: جعلتني أتصل بالأطباء ونسهر الليالي في إعداد مشروع جنة الملائكة وتنظيمه لكنك كنت تخططين في الظلام لإفشال المشروع. استعملتني كطعم للضغط على الدكتور شاكر والآخرين ليدفعوا لك أكثر أنت وعشيقك الخبير. لكنني لن أسكت، وسأكشف لعبتك القذرة للسيد عمار وللمؤسسة التي وضعت ثقتها فيكما. بإذنك. [يخرج كمال وتبدأ أسماء بالبكاء. يدخل بلقاسم]
أسماء[وهي تبكي]: ذهب وهو غاضب.
بلقاسم: أنت تحبينه إذا.
أسماء[بحرارة]: نعم، أحبه ولا أريد أن أفقده.
بلقاسم[معاتبا]: لماذا أخفيت الأمر عني ولم تخبريني أنك تحبين هذا المتوحش؟
[تواصل البكاء وتطفأ الأنوار]
مسرحية "حسناء من كوالا لمبور" - المشهد الثاني من الفصل الرابع
الأسئلة:
1- لماذا كان الموضوع الذي جاء من أجله كمال لا يستحق التأخير؟
2- ماذا كان رد فعل أسماء على ما قاله كمال عن الخبير؟
3- لماذا فوجئ كمال بوجود الخبير؟
4- لماذا وصفه كمال بالمحتال عندما سمعه يتكلم؟
5- أي الصدمتين أقوى بالنسبة إلى كمال: خسارة المشروع أم الصدمة العاطفية؟ علل اختيارك.
6- بماذا اتهم كمال أسماء؟ وبماذا دافعت عن نفسها؟
7- هل تعتقد أن بكاءها يدل على براءتها؟ علل رأيك.
8- هل تعرضت إلى صدمة عاطفية في حياتك؟ إن كان الجواب بالإيجاب، بيّن مدى تأثيرها فيك وفي نظرتك إلى الجنس الآخر. وكيف استطعت تجاوزها. تحدث عن تجربتك دون الإساءة إلى أحد أو ذكر أي اسم صريح.
لقراءة الفصل الرابع كاملا، انقر هنا: الفصل الرابع
للاطلاع على فصول المسرحية، انقر هنا: حسناء من كوالا لمبور
للاطلاع على المسرحيات الأخرى للكاتب انقر هنا: المسرحيّات